كتبت / منى فتحي حامد ….
القصائد تشبه النساء اللآئي يلجئن لعمليات التجميل بعكس من تشيخ بجمال طبيعي رباني عامر ..
أقول هذا بشعوري بأن مثل هذه القصائد تحيلني بكل تجلياتها ومجملها العام الذي شاع بعنفوان كاتبتها بأن النقد مازال وظيفة تقوم على سبر الأغوار ، واستكناه المنظور والمطمور بين السطور ،والغوص عميقاً لقراءة ماورائها بانضباط واقتدار …
والنقد ومعطياته ونتائجه وما يتم التوصل إليه لا يختمر ويتشكل لدى متأمل وفاحص إلا إذا كان كثير الدربة والمران، فلاشيئ غير النقد الأدبي المضطلع بمهمة نبش وإبراز جوانب الجمال والإبداع في النصوص، وتفحص تلك الجوانب الصياغية التي لم يوفق الكاتب لها من وجهة نظر الناقد ..
الأمر الذي يستدعي أن يكون الناقد مضطلعاً إلى حد ما _في أقل الأحوال _بمهام النقد، ومتمكناً من أدواته اللغوية التي من شأنها جعل سيره حميداً وغير متعثر في السياق العام لقراءة النصوص.
ومطلع الافتتاح تجسد فيه جانب مشرق من هذا وهي تقول فيه ,:
كم وددت رؤياكَ مِن قبل أن نلتقي ..
كم اشتقت دنياكَ والحنان بلا موعدي ..
محبوبي يا أغلى الناس
يا مَن توجت بالحنان منبري .
همست إليك بِشغفٍ
من عينيك نثرتُ قصيدتي ..
مِن شفتيك استوحيت
فِكرة العشقِ والغرام موّطني..
ومما شك فيه ونحن نتحدث عن النقد الأدبي بأن النقد الهادف البناء الذي يحمل في طياته الكثير من الإشارات المحسوبة للكاتب أو عليه فإن الأهم من ذلك كله أن لا تكون القراءة النقدية طافحة بكيل المديح، وتدبيج المجاملات لاستمالة هذا الشاعر أو غيره من الكتاب على حساب المعايير العلمية والأكاديمية فهذا لا ولن يخدم الشاعر مطلقاً إن بنيت دراسة الناقد على ملاحظة جوانب الجمال وإضفائه على كامل النص، خاصة إذا كان النقد عميقاً بلا تكلف، وفاحصاً لمكامن العثرات بكفٍ لينة، وتشبه عملية النقد هذه تماماً وخز الإبر حين يمارسها إنسان ماهراً لا يشعر المصاب بوقعها على جلده .
وهذه القصيدة فيها مواطن استرجعت مثل هذا الشعور كما في قولها الذي تأتلق فيه بفعل ثنائي عامر :
كم وددت بأحضانكِ
استنشق أريج الجوري
عطور الداليا والتوليب والكادي ..
و مِن قبلاتكِ أحيا
بلقيس نزار عالَم كوكبي ..
عاشقان يخلدنا الزمان
روميو الهوّى وجولييت أميرتي ..
لن أبغى غيركَ حبيب يداوي
نبضات الفؤاد ويطيب
يعافي روحي ومشاعري وجسدي ..
تُعيدني للحياة ثانيا ..
___________________