مصر
كتب .. محمد صلاح
البصمة الكربونية Carbon footprint هى عبارة عن كمية الكربون التي تنبعث من منظمة أو حدث أو منتج أو فرد بشكل مباشر أو غير مباشر ، وهى تختلف من شخص لآخر حسب موقعه وعاداته واختياره الشخصي ، ويسهم كل فرد في انبعاثات غازات الإحتباس الحراري إما عن طريق أسلوب معيشته ، أو عبر سفره ، أو من خلال الطعام الذي يأكله ، أو كمية الكهرباء التي يستهلكها ، وغير ذلك . فعلى سبيل المثال عند قيادة سيارة وحرق الوقود ، فإنه يولد كمية معينة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ، وعندما يتم تدفئة المنازل ، فإنه يولد أيضًا ثاني أكسيد الكربون على افتراض أن الكهرباء تأتي من محطات تعمل بالفحم ، وبالمثل عندما نقوم بإعداد الطعام فإنه يولد أيضًا بعض كميات ثاني أكسيد الكربون أثناء هذه العملية .
* وهناك أشخاص ومنظمات وحتى حكومات محلية بدأت في الحديث عن البصمة الكربونية ، وتحفيز بعضها البعض لوضع خطط للحد من انبعاثات الكربون ، ولكنهم غير متأكدين دائمًا من أكثر الطرق فعالية للمضي قدمًا فى هذا السبيل ، كما أنهم يتفاعلون بحذر لأن تقليل البصمة يتطلب تغييرًا جذريًا في أنماط الحياة والطرق الحالية للقيام بالأشياء ، حيث يرشد هذا التفسير المختصر للبصمة الكربونية أولئك الذين ما زالوا جددًا على هذا المفهوم .
* تعريف :
– في معظم الحالات ، لا يمكن حساب البصمة الكربونية الإجمالية بالضبط لعدم كفاية المعرفة والبيانات الخاصة بالتفاعلات المعقدة بين العمليات المساهمة ، بما فيها أثر العمليات الطبيعية التي تخزن ثاني أكسيد الكربون أو تطلقه إلى الجو . لهذا السبب ، فقد اقترح رايت وكيمب وويليامز التعريف التالي للبصمة الكربونية :
هى مقياس للكمية الإجمالية من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون ( CO2 ) والميثان ( CH4 ) لمجتمع أو نظام أو نشاط معرف ، مع أخذ كل المصادر والمصارف والخزانات ذات الصلة بعين الإعتبار ضمن الحدود المكانية والزمنية للمجتمع أو النظام أو النشاط المدروس . ويحسب كمكافئ ثنائي أكسيد الكربون باستخدام الإحتمال ذي الصلة لحدوث الإحترار العالمي لمئة عام .
– وبإختصار ، يمكن القول إن البصمة الكربونية هي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة في الغلاف الجوي للأرض بسبب الأنشطة اليومية للبشرية ، سواء محليًا أو تجاريًا ، وتعرف أيضًا باسم المجموعات التراكمية لإنبعاثات غازات الدفيئة التي تسببها البشرية ، أو المنتجات التي من صنع الإنسان ، حيث يُقال إنه لا توجد أيضًا طريقة معروفة لحساب البصمة الكربونية الإجمالية بسبب الكميات الكبيرة من البيانات التي يُزعم أنها مطلوبة للقيام بذلك ، وقد تم توسيع حجة الحساب هذه إلى أبعد من ذلك في الاعتقاد بأن ثاني أكسيد الكربون لا يزال ينتج بشكل أساسي من العناصر الطبيعية .
* أصل المفهوم :
– مفهوم البصمة الكربونية واسمها مشتقان من مفهوم البصمة البيئية أو الأثر البيئي ، والذي طوره ويليام إ. ريس وماثيس واكرناغل في تسعينيات القرن العشرين . وفي حين تحسب البصمة الكربونية عادةً بأطنان انبعاثات ( مكافئ CO2 ) في السنة الواحدة ، تحسب البصمات البيئية عادةً بالمقارنة مع ما كان يمكن للكوكب تجديده . ويقيم هذا عدد الأراضي التي ستكون مطلوبة إذا استهلك الجميع على الكوكب الموارد بنفس مستوى الشخص الذي تحسب بصمته الكربونية .
– و البصمة الكربونية جزء واحد من البصمة البيئية ، إلا أنها مركزة أكثر من البصمات البيئية لأنها تقيس فقط انبعاثات الغازات المسببة للتغير المناخي إلى الغلاف الجوي . وهى أيضا واحدة من مجموعة مؤشرات بصمات ، وهي مجموعة تضم أيضًا البصمات البيئية ، وتلك المائية ، وبصمات اليابسة .
* المتوسط السنوي العالمى للبصمة :
– كان المتوسط السنوي العالمي للبصمة الكربونية للشخص الواحد في عام 2014 نحو 5 أطنان مكافئ ثنائي أكسيد الكربون . ورغم وجود عدة طرق لحساب البصمة الكربونية ، تقترح منظمة الحفاظ على الطبيعة أن متوسط البصمة الكربونية للمواطن الأمريكي هى حوالى 16 طنًا ، وهو ما يعد أحد أعلى المعدلات عالميًا .
* خلفيتها :
– تعد الأنشطة البشرية من الأسباب الرئيسية لإنبعاثات غازات الدفيئة . وتزيد هذه الإنبعاثات درجة حرارة الأرض ، وهي تصدر نتيجة استخدام الوقود الأحفوري في الكهرباء ، ومن منتجات ثانوية أخرى للتصنيع . و تتكون الآثار الكبرى لهذه الممارسات بشكل أساسى من التغيرات المناخية ، كزيادة هطول الأمطار ، وحموضة المحيطات وارتفاع حرارتها . ويحدث التغير المناخي منذ بدء الثورة الصناعية في عشرينيات القرن التاسع عشر . وبسبب اعتماد البشر الشديد على الوقود الأحفوري ، واستخدام الطاقة ، وإزالة الغابات بشكل مستمر ؛ فإن كمية غاز الدفيئة في الغلاف الجوي تزداد ، مما يجعل تخفيض بصمة غازات الدفيئة أمرًا أصعب .
* غازات الدفيئة :
هى غازات تزيد درجة حرارة كوكب الأرض بامتصاصها للأشعة تحت الحمراء ، ومع أن بعض الإنبعاثات طبيعية ، فإن معدل إنتاجها ازداد بسبب الإستخدامات البشرية ، حيث تصدر هذه الغازات عن استخدام الوقود الأحفوري في الكهرباء والحرارة والنقل ، بالإضافة إلى انبعاثها كمنتجات ثانوية لعمليات التصنيع . وأكثر غازات الدفيئة شيوعًا ثاني أكسيد الكربون و الميثان و أكسيد النيتروس والعديد من الغازات المفلورة . و البصمة الكربونية هي الكمية الرقمية لهذه الغازات الصادرة عن كيان واحد .
* المساهمون في البصمة الكربونية :
– المساهمون الرئيسيون :
إن علماء المناخ والنشطاء العالميين من أجل الحد من انبعاثات غازات الإحتباس الحراري يجادلون بأن هناك أكثر من أدلة كافية تشير إلى حدوث ضرر كافٍ بالفعل ، لذلك يقولون سواء كانت القياسات يجب أن تؤخذ أم لا ، فإنه يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة اليوم ، وهذا ليس سوى بعض المساهمين الرئيسيين في البصمة الكربونية ،
وهم كما يلي :
– الطاقة :
وهنا تكون انبعاثات الكربون جماعية ، حيث تأتي من مجموعة متنوعة من المصادر ، وهي العمليات الصناعية والنقل والكهرباء وانبعاثات الوقود .
– التصنيع :
منذ أن بدأت الثورة الصناعية في منتصف القرن العشرين استمر ثاني أكسيد الكربون في الإرتفاع دون رادع وبمعدلات تنذر بالخطر .
– الزراعة :
لا تزال معظم العمليات الزراعية داخل الدول المتقدمة والنامية تجري بصورة تجارية ، مما أدى إلى الإنتاج الضخم للماشية الذي نتج عنه إطلاق مستويات كبيرة من غاز الميثان في الغلاف الجوي .
– النفايات :
بغض النظر عن أى عملية أو نشاط يتم تنفيذه ، فإن النفايات الناتجة عنها مفرطة ، كما أنه له تأثيرا ضارا على الموارد الطبيعية للأرض ، خاصة النباتات ، الحيوانات ، والمحيطات .
– العمل البشري :
تسهم الطريقة التي اعتاد عليها الجنس البشري للقيام بالأشياء كل يوم ، وأيضا سواء كان ذلك بسرعة أو براحة أكبر في الزيادة الهائلة في بصمات الكربون بصورة سنوية .
* المساهمون الأكثر ضررًا :
– تبذل مئات الشركات من جميع أنحاء العالم جهودًا متضافرة للحد من انبعاثات الكربون الخاصة بهم ، لكن أكبر الجناة الذين لا يزيد عددهم عن مائة من أكبر الشركات في العالم ، كانوا الأكثر ترددًا في التغيير ، كما أنهم يواصلون مقاومة المحاولات التشريعية للقيام بذلك من خلال الوسائل القانونية ، لكن هذه الشركات كانت مسئولة عن ثلثي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فى العالم حتى الآن .
* وفيما يلي بعض النقاط البارزة حول الإجراءات التفاعلية والمدمرة لبعض هذه الشركات :
– تتأثر العديد من الشركات الكبيرة المنتجة للطاقة بمساهمات المستثمرين وحصصهم من المؤسسات الحكومية ، وفي بعض البلدان لا تزال الدولة تمتلك حصة الأغلبية في هذه الشركات . وفي السنوات الخمس والعشرين إلى الثلاثين الماضية جاء نصف الإنبعاثات المقدرة على الأقل من شركات حرق النفط والفحم ( وحدها ) ، وفي بعض الأماكن بتفويض من الحكومات للقيام بذلك لديهم أيضًا احتياطيات كبيرة من الوقود الأحفوري ، فإذا تم حرقه ، فإن الأرض معرضة لخطر أكبر .
* وعلى المستوى الحكومي العالمي تعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند أكبر بواعث لغازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان ، بينما تعد جنوب إفريقيا أكبر مساهم في القارة الأفريقية ، ويمكن القول إن الحجة التي تطالب بأن تقدم الدول المتقدمة مساهمات أكبر نحو تقليل البصمة الكربونية ، بينما يتم منح الدول الأقل نمواً في العالم تنازلات هي بالأساس حجة داحضة .
* طرق تقليل البصمة الكربونية :
– إن حالة الزيادات السنوية الكبيرة فى انبعاثات غازات الإحتباس الحراري خطيرة بشكل كبير ، حيث يستدعي ذلك اتخاذ إجراءات فورية وبدون تأخير وبدون تنازلات ، وذلك من خلال التجمعات الضخمة في المؤتمرات المصممة لإجراء محادثة حول البصمة الكربونية . لكن بشكل عام ضاعت بعض النقاط والفرص حتى الآن ، حيث تناقش المجموعات دائمًا الطرق والوسائل للحد من بصمات الكربون الخاصة بها دون التأثير سلبًا على مصالحها الخاصة أو المجتمعات أو الدول التي تمثلها ، لكن ذلك إذا تم بشكل صحيح ، فإن الحد من آثار الكربون سوف يغير حياة الناس .
* ومن أهم هذه الطرق ما يلى :
– قيادة السيارات :
لا تزال السيارات الهجينة بعيدة عن متناول معظم السائقين ، ويرجع ذلك أساسًا إلى سعرها ، لكنها بديل ضروري للمركبات التقليدية التي تعمل بالبنزين أو الديزل . أيضا ، فإنه عند القيادة يجب على سائقي السيارات تجنب شبكات الطرق شديدة الإزدحام ، حيث تؤثر جودة قيادتهم أيضًا في تقليل بصمتهم الكربونية . وبدلاً من القيادة ، فإن النصيحة الشائعة والصحية هي المشي ، كما يمكن لأولئك الذين لديهم مسافة بعيدة جدًا ، استخدام شبكات النقل بالحافلات السريعة ، وشبكات السكك الحديدية الحضرية ، أى وسائل النقل العام .
تقليل اللحوم الحمراء :
بدأ النباتيون بالفعل بداية جيدة لأن معظم نفاياتهم الاستهلاكية يمكن إعادة تدويرها بسهولة ، ومع ذلك فإن انبعاثات غازات الإحتباس الحراري من المنتجات الزراعية مثل الماشية والدواجن كبيرة ، وحيثما يكون هناك طلب أقل ، يمكن بالتأكيد تقليل الإنبعاثات .
– الشراء المحلي :
إضافة إلى الملاحظة أعلاه فإن شراء المنتجات العضوية المحلية يقاوم بشكل فعال وكبير النتائج الزراعية ذات الإنتاج الضخم ، حيث هناك انخفاض كبير في كمية البلاستيك المستخدم في تغليف المنتجات ، كما تم تقليل استخدام الوقود أثناء العبور على الطرق الطويلة .
– كفاءة الطاقة في المنزل :
يجب إيقاف تشغيل جميع الأجهزة التي لا يتم استخدامها على الفور ، ويجب أيضًا إغلاق جميع المنافذ الكهربائية غير المستخدمة ، ويجب إطفاء سخانات الماء الساخن طوال اليوم وتشغيلها فقط عند الحاجة ، و رغم أن هذه العادات كلها تمثل نمط حياة بسيطة ، إلا أنها عملية يسهل تبنيها .
– شراء الطاقة الخضراء :
من الممكن تمامًا تزويد المنازل عموما ببدائل مستدامة بيئيا لإنتاج الطاقة دون المساس بنمط حياة البشر ، وانتظار توصيل الشبكات الوطنية عبر مصادر إمدادات الطاقة الخضراء ، وعلى سبيل المثال ، فإن التكنولوجيا متاحة الآن لتركيب ألواح الطاقة الشمسية .
– شراء أرصدة الكربون :
بالنسبة لبعض الشركات أو الأفراد لا يمكن تجنب بعض الإنبعاثات ، وبالنسبة لهؤلاء يعد شراء أرصدة الكربون خيارًا مفيدًا لهم ، حيث يتم ذلك عن طريق شراء هذه الأرصدة من الشركات التي سوف تستثمر تلك الأموال نيابة عنها في بعض مشاريع الطاقة المتجددة ورفع كفاءة الطاقة .
تم مراجعتها من مصادر متعددة
لحق المعرفة والتوعية …