شروط المؤذن قبل ظهور مكبرات الصوت

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on tumblr
Share on telegram
Share on whatsapp

تقديم  /  عيد المصري

قبل ظهور الميكروفونات كيف كان الآذان؟
هل بالفعل كان شرطًا في المؤذن أن يكون كفيفًا؟

وما هي شروط اختيار المؤذن؟
في رمضان يعظم دورهم، بالطبع فمع صوت المؤذن يبدأ الإمساك، ومع صوته ينطلق الإفطار، والمؤذنين من لحظة تكليف الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال في المدينة برفع الآذان وهو وظيفة ذات شأن عظيم… الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من وضع شرطًا في المؤذن حيث “إنه أنداكم صوتًا”، ومن هنا انطلق الفقهاء في وضع الشروط للمؤذن مع تطور البلدان والعمران.

 

نقل لنا المقريزي أن في العصر المملوكي اشترطوا في المؤذن أن يكون من ذوي البصيرة “كفيفًا”، وذلك حتى يؤمن الاطلاع على عورات البيوت، فكما نعرف أن المئذنة مرتفعة والمنازل من حولها منخفضة، وكان يوجد لكل بيت صحنًا سماويًا مكشوفًا، ومن هنا جاءت رواية المقريزي.

ولكننا إذ ما تجولنا بين الوثائق المملوكية وجدنا عكس هذا الكلام، فعلى سبيل المثال لدينا وثيقة جامع ومدرسة السلطان حسن، حيث ورد نصًا “يُرتب بالمكان المذكور ريسين مأمونين عالمين بالمواقيت، ويرتب معهما 32 نفرًا من المؤذنين الحسني الأصوات في نوبتين كل نوبة ريس 16 نفرًا من المؤذنين، يفعل كل ريس في نوبته ما جرت عادة أمثاله، ويجتمع كل أربعة من أهل كل نوبة في مئذنة من المآذن ويفعلون ما جرت به العادة من الآذان والذكر والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبليغ خلف الأئمة على جاري العادة في ذلك يتناوبون ذلك نوبة بعد نوبة يومان وليلتان”.

 

وفي وثيقة قراقجا الحسني جاء فيها “يُصرف لتسعه نفر من المؤذنين حسان الصوت على أن يكونوا ثلاث جوق كل جوقة “مجموعة” ثلاث نفر يتبادلون الآذان المشروع على المئذنة ويسبحون في الثلث الأخير من الليل في كل ليلة ويذكرون في أيام الجمع قبل صلاة الجمعة ويسلمون ويؤذنون على المئذنة”

أي أن عدد المؤذنين في مآذن جامع ومدرسة السلطان حسن 32 مؤذن، وفي وثيقة قراقجا وهي لجامع آخر 9 مؤذنين، ونجد في وثيقة جامع ومدرسة الأشرف برسباي ايضًا قد رتب له 9 مؤذنين،

وكان الشرط الأول هو حسن الصوت ولم يشترطوا مسألة أن يكون كفيفًا، كما وردنا عن هذا العصر تقليدًا في الآذان كان يقال له “الآذان السلطاني”، وهو وجود أكثر من مؤذن في وقت واحد، يتبادلون الآذان، أو يؤذنون معًا، وهو عمل يتطلب تنسيقًا دقيقًا، حيث كانوا يقفون إمام في شرفة واحدة، أو الشرفات العليا والسفلى للمأذنة، وهو ما يسمح بتوزيع الصوت ووصوله لأبعد مكان.

ووضع الفقهاء جملة شروط للمؤذن منها العقل والبلوغ وألا يكون فاسقًا، ويستحب أن يكون مبصرًا حتى يعلم بدخول وقت الصلاة، ويكون عالمًا بعلم المواقيت وعمل الساعات الشمسية “المزولة” والاسطرلاب واللذان يحددان الوقت، ولو كان كفيفًا فيكون معه مرافقًا مبصرًا

ووثائق برقوق وكافور الشبلي وبرسباي والسلطان حسن، لم تشترط العمى في المؤذنين، بل الأصل هو حُسن الصوت، وكذلك جاز اتخاذ أكثر من مؤذن للمسجد الواحد بل يجوز تواجد أكتر من مؤذن في المئذنة يؤذنون واحد بعد واحد أو دفعه واحدة “الآذان السلطاني” وبأعداد كبيرة.

ونجد ان الناصر محمد بن قلاوون لما انتهى من بناء مسجده في قلعة الجبل، قلعة صلاح الدين، جمع مؤذنين مصر يختار من بينهم أنداهم صوتًا ولم يرد في الوثيقة اشتراط عد البصر ليحصل على الوظيفة.

فشرط نداوة وعذوبة الصوت كان لازمًا في العصر المملوكي حتى أطلق عليهم اسم “جوقة” أي المجموعة التي تؤذن وتسبح وتذكر مثل “الكورس” بصوت حسن ندي، وهذا هو اللقب الذي أخذته فيما بعد فرق الإنشاد الديني والموسيقي قديمًا.

فما هي قصة المقريزي ومن أين جاء بها، المرجح هنا أن هذه حادثة وقعت أيام المقريزي وقد رصدها في كتابه ونقلها لنا أساتذة الآثار، ولكن لا توجد وثيقة تثبت اشتراط فقدان البصر كي تكون مؤذنًا، أو أن الكفيف حسن الصوت كان يختار للوظيفة بحكم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة وهي تناسبه، وكان يصاحبه مبصرًا.

وبخصوص كشف عورات البيوت فقد كانت أغلب البيوت في هذا العصر ذات مشربيات، ومداخل منكسرة لا يستطع السائر أن يرى من بالداخل..

من اشتراطات المؤذن أيضًا رفع الصوت بالنداء في حدود طاقته حتى لا يجهد نفسه وصوته ويستحب أن يكون قائمًا مستقبلًا للقبلة وهو يؤذن.

كما يستحب أن يؤذن من مرتفع أو من على سطح المسجد وقد أصبحت المئذنة هي مكان الآذان كما كان في العصر المملوكي يؤذن مثل المقاصير الموجودة في المسجد والتي كان يصلي فيها الخلفاء والسلاطين وكان يؤذن داخل الفوارات ودكة المبلغ.

كما يستحب ألا يأخذ المؤذن أجرًا وإن كان عثمان بن عفان رضي الله عنه قد أعطى المؤذنين أجرًا، مما جعل ذلك جائزًا، وأن يكون طاهرًا ولو لم يكن جاز مع الكراهة ولم يكره ذلك الأحناف والشافعية وأحمد.

ومن المستحب للمؤذنين عند قوله حي على الصلاة أن يلتفت برأسه وعنقه وصدره يمينًا وعندما يقول حي على الفلاح فيفعل ذلك جهة اليسار، ويستحب له كذلك وضع إصبعيه في أذنيه، كما يستحب التمهل في الآذان، وألا يتكلم أثناء الآذان أو الإقامة وعدم التغني أو اللحن بزيادة حرف أو حركة أو مد حتى لا يغير معنى الكلمات، وافتى الأحناف بجواز التغني الحسن إلا إذا غير كلماته بزيادة حركة أو حرف

كذلك يشترط فيه التقوى وأن يكون أمينًا على العبادات وعالم بالسنن ومؤتمن من المستحب أن يكون المؤذن مواظبًا أي معروفا لأهل المسجد إلا إذا حدث عذر وتخلف المؤذن المختص بالمسجد يجوز أن يؤذن غيره، ومن الاشتراطات كذلك في المؤذنين سلامة اللغة والنطق والعلم بالتجويد.

قد يعجبك أيضًأ

Open chat
1
Scan the code
تواصل معنا